أبحث عن..

رأى فيه الجميع "العريس اللقطة"، طيب، ابن حلال ، صديق شقيقها في العمل منذ فترة طويلة، وسانده في الكثير من الشدائد ولم ينتظر أبدا مقابل.
كما إنه "مقطوع من شجرة" كما يقولون وأسرته من أصل طيب. ترددت في قبوله لأنها لا تعرفه، لا تعرف عنه أكثر من أنه صديق شقيقها، لم تره حتى من قبل إلا لثوان.
كادت ترفضه ولكن أسرتها اتهمتها بالافتراء و " التبطر " على نعمة الله وهددوها كثيرا بأن الله سيعاقبها وسيبتليها بزوج لا يتقيه فيها وستشقى طوال حياتها لأنها ترفض نعمة الله. لم يفهمها أحد حين قالت لهم إنها "لا تعرفه"، اتهموها بأن الأفلام والأغنيات والروايات التي لا تفارق يدها قد أفسدت أخلاقها، قالت لهم: أنا لا أعرف عيوبه ولا مميزاته، ماذا يحب؟ ماذا يكره؟ لا أعرف عنه أي شيء.
ردت أمها " أخوكي يعرفه، الراجل طيب وابن حلال وكريم ويصلي ويتقي ربنا عايزة إيه تاني ؟ أي عيب بعد دا كله هيبقى عيب تافه وتقدري تتعاملي معاه ".
اقتنعت على مضض وتم الزواج خلال شهر، وبالفعل وجدته طيبا حنونا لا يعيبه شيء. بدأت تغير وجهة نظرها فيه واقتنعت بكلام أهلها وحمدت الله كثيرا على أنه هداها ووافقت وإلا ضيعت كل هذه السعادة من بين يديها.
كان كل شيء على ما يرام حتى يومهم العاشر، كانت تجهز "السفرة" كي يتناولا الغداء في حين دخل هو لقضاء حاجته، خرج ويداه جافتين ولم تسمع صوت الماء! ظنته نسى فحاولت أن تلفت نظره
"هي الماية مقطوعة ولا إيه ؟"
"لا موجودة عادي بتسألي ليه؟"
"لا... أصلك... آ ... مم ما فيش"
كاد يغشى عليها وهي تراه يأكل بيديه دون أن يغسلها بعد أن قضى حاجته. لم تمد يدها للأكل وحين انتبه لذلك سألها:
"ما بتاكليش ليه يا حبيبتي"
"لا ما فيش حاجة... ماليش نفس خالص... كل أنت بالهنا والشفا"
"لا مش هاكل لوحدي... أنا تأكلك بأيدي "
صرخت برعب "لألألألألأ هاكل أنا"
"انتي لسة مكسوفة مني؟ احنا خلاص بقينا في بيت واحد ماينفعش تتكسفي !"
"لألألألأ مش كسوف، كل أنت وأنا هاكل هاكل"
"لا لازم أكلك بأيدي
لم تقو على مقاومته، ولم تقو على مقاومة إحساسها بالغثيان كذلك، فتقيأت كل ما أكلته وبكت بهيستريا، أما هو فقد ابتسم في رضا... وربت على كتفها قائلا "شكلنا هنبقى تلاتة قريب"
فهمت ما يقصده فازدادت حرقة بكائها من غبائه!
اكتشفت بعد ذلك أنه في عمره كله لم يغسل يديه بعد قضاء حاجته! لم تعرف كيف تكلمه في هذا الموضوع فرغم أنهما أصبحا زوجين إلا أن بينهما ألف حاجز نفسي ولا يمكن أن تناقشه في مثل هذا الموضوع.
أصابها هوس النظافة، كل مكان من جسدها يلمسه بيديه تظل تحكه بالصابون مئات المرات حتى كادت تدمي جلدها، كلما اقترب منها لا ترى منه إلا يديه وتتخيل أن هناك سوائل لزجة مقززة تتساقط منها، كلما اقترب منها ترتسم على وجهها- لا إراديا- علامات القرف والاشمئزاز!
لاحظ كل هذا لكنه ظن أنه من أعراض الحمل، وكان يتحمل في صبر وبابتسامة حنون يربت على كتفيها ويبتعد عنها.
لم ترحمها الفكرة حتى في نومها ظلت تطاردها كوابيس مرعبة ترى فيها يداه ملوثة بسوائل لزجة مقززة تحاول خنقها وهي تجري وتحاول الفرار ولكن بلا جدوى!
* * *
أصبحت لا تأكل تقريبا إلا أقل القليل، نقص وزنها وشحب وجهها وتلفت أعصابها،. أصبحت تفقد أعصابها وتبكي لأتفه سبب ، لاحظت أمها أحوالها فسألتها عما بها. ترددت كثيرا قبل أن تتكلم، ولكنها صارحتها في النهاية لأنها أوشكت على الانفجار فضحكت أمها كثيرا " حرام عليك خضيتني انا بحسب في حاجة بجد"
"وهي دي مش حاجة بجد؟؟ أنا هتجنن أنا مش عارفة اعيش"
"ايه التفاهة دي؟ ليه مش عارفة تعيشي الجدع طيب وحنين... حاولي تنسى الموضوع دا انتي مزوداها أوي"
"مزوداها؟ أنا هموت ياماما انا بجد هموت... هو ما ينفعش اخويا يكلمه في الموضوع دا؟"
"انتي بتستهبلي؟؟ انتي عايزة اخوكي يكلمه إزاي في الموضوع دا؟ هو عيل صغير لسة هنعلمه يغسل ايده؟ في ناس كده عادي ايه يعني"
"ياماما أنا بتخنق، انا كل يوم ببقى بموت بجد"
"انتي عقلك صغير اوي"
قررت أن تطلب الطلاق، وذهبت إليه بالفعل عدة مرات كي تواجهه بطلبها لكن ابتسامته الحنون التي يستقبلها بها تصعب الأمر عليها.
حاولت أن تتناسى المشكلة وتقنع نفسها بأنها تخلق مشكلة من لا شيء لكنها فشلت. قررت أن تطلب الطلاق بالمحكمة دون أن تواجهه بذلك وتترك عبء اخباره للمحكمة، بالفعل توجهت في اليوم التالي للمحكمة وطلبت الطلاق للضرر، وانتظرت أياما وشهورا حتى تنظر المحكمة في قضيتها.
بعد سبعة أشهر من الانتظار ومن تساءله عن سر طريقة تعاملها الغريبة معه رغم عدم وجود حمل وعن شحوبها الدائم ووزنها الذي ينخفض باستمرار ونوبات الصراخ الهستيري التي تنتابها ليلا، جاء الرد برفض الدعوى لانتفاء الضرر!"