Sara Darwish

عني

اسمي سارة. اختارته أمي تيمنا باسم زوجة نبي الله إبراهيم. ولدت في إبريل 1989، في بعقوبة بالعراق، التي يلقبونها بمدينة البرتقال. إذا كنت ممن يعرّفون الناس بما يحبون، فأنا أحب القطط والحكايات. أحب أن أقرأها، أشاهدها، وأكتبها صحافة وأدبًا. وإذا كنت تعرفهم بما يعملون فأنا أعمل بالصحافة منذ عام 2011 وحتى الآن. أرأس الآن قسم المرأة والمنوعات بجريدة اليوم السابع المصرية.

إلى جانب الصحافة أكتب بشكل مستقل. دخلت عالم التدوين والكتابة الساخرة عام 2008، فازت بعض تدويناتي بفرصة للنشر في كتاب مدونات مصرية للجيب في العدد الأول والثان والثالث. نشرت كتابي الورقي الأول في 2010 والثاني في 2015 والثالث "عزيزي رفعت" في 2021، وروايتي الأولى "باب أخضر للهاوية" نشرت عام 2023. أصدرت كذلك كتابين إلكترونيين آخرهما قصة بوليسية طويلة باسم "مقتل امرأة عادية".

سارة درويش كاتبة وصحفية

كتبي

باب أخضر للهاوية

عزيزي رفعت

مقتل امرأة عادية

مقالات ونصوص

أبحث عن..

 الشيء الرهيب!

"أصدقاء وعشاق والشيء الرهيب" العنوان الذي اختاره النجم الراحل ماثيو بيري ليتصدر كتاب مذكراته التي أعتبرها واحدة من أصدق السير الذاتية التي قرأت؛ وقد اختار أن يشير إلى معاناته مع الإدمان باعتباره الشيء الرهيب الذي أفسد عليه حياته، وهدد دائما العلاقات الأثمن بالنسبة له: الصداقة والحب. كان ماثيو يحظى في لحظة ما بعمل رائع وزملاء رائعين، وقال إنه أحب كل ما يخصهم لكنه كان دائما لديه ذلك السر "كان لدي سر ولم يعرفه أحد".

كان يقصد بذلك الشيء الرهيب والسر المخجل الإدمان، وعقله الذي يعمل دائما من أجل قتله ، ولكن من منا ليس لديه ذلك "الشيء الرهيب" الخاص به؟ ذلك الجرح الذي نبالغ في إخفائه، ونظن أحيانا أن تلك الندبة القبيحة التي يخلفها ستكون كل ما يراه فينا العالم. نبذل جهدا مستميتا لإخفاء الجرح ولا نمنحه أبدا الفرصة ليتنفس، فنحرم أنفسنا فرصة الشفاء، فرصة الحصول على مساعدة، ونحرم من يحبوننا الفرصة لمساعدتنا ومواساتنا أو على الأقل فهم ما نمر به. نظن أننا سنخسر كل شيء لو أن هذا السر انكشف فنحمل العبء مضاعفا، مرة بمحاولة مداواته منفردين دون أي مساعدة، ومرة بإخفائه والاضطرار للتظاهر بأن كل شيء على ما يرام. ننفق عمرا كاملا حتى نتمكن من اكتشاف حقيقة أن كل مخاوفنا كانت وهمية، وأن انكشاف الجرح/ السر الرهيب كان أهون كثيرا من إخفائه، بل ربما كان الخطوة الأولى لمداواته.

* * *

"كمْ فرصة نضيعها يا رفعت لأننا نخاف ألا نكون جيدين بما يكفي؟"

في رسالة لصديقي الخيالي "رفعت إسماعيل" سبق وطرحت هذا السؤال قبل سنوات. وفي كتابه المفعم بالصدق والألم، قرأت الإجابة: "كنت وحيدا جدا لدرجة تؤلمني؛ شعرت بالوحدة في عظامي". لم أندهش، كيف لشخص بهذا النجاح، بهذه الوسامة وخفة الظل والذكاء والموهبة أن يشعر يوما أنه ليس كافيا أو أنه سيتم التخلي عنه لا محالة. قال بيري في كتابه إنه حظي بالعديد من الفرص للحب، وأن عدة نساء رائعات مررن بحياته ولكن نتيجة شعوره بأنه ليس جيدا بما يكفي كانت أنه تخطى الخمسين بلا شريك حياة ولا حب حقيقي أو أطفال وكان يتمناهم جميعا بشدة. تطلب الأمر منه عمرا كاملا ليدرك في النهاية أنه كان شخص جيد بما يكفي، جديرا بالحب الحقيقي والحياة الحقيقية، ولكن للأسف لم يمنح المزيد من الفرص ليواصل بحثه بعد أن اكتشف هذه الحقيقة.

كان ماثيو بيري شجاعا بما يكفي لكي لا يدفن رأسه في الرمل، لكي يطرح على نفسه السؤال ويواجهها بالإجابة. ليعترف بفرصه الضائعة ويعتذر لأصحابها، لأنه لم يتمسك بهم كفاية، كان شجاعا بما يكفي ليعترف بأنه عاش عمره في الوحدة التي عاش عمره أيضا خائفا منها، وأنه كان حتى تخطى الخمسين مذعورا من ذلك تماما كما كان على متن تلك الطائرة في الخامسة من عمره "قاصرا بلا مرافق".

* * * *

قال ماثيو بيري في مقدمة كتابه "لا أكتب إليكم كل هذا فيشعر أي شخص بالتعاطف معي، بل أكتب هذه الكلمات لأنها حقيقية." وهو ما شعرت به فعلا. على منصة الكتب الشهيرة "جودريدز" كتب بعض القراء ينتقدون أن التسلسل الزمني في سيرته الذاتية مرتبك. إن الكتاب كان بحاجة للمزيد من التحرير، ولكنني أظن أن ذلك الارتباك، وتلك الفوضى، جزء أساسي من صدق هذه السيرة الإنسانية للغاية.

رغم كل الألم في الكتاب لم أشعر أنه يحاول استدرار العطف، شعرت فقط أنه يحاول أن يتخلص منه على الورق. أن يشاركنا كل ما كان يدور بعقله في كل لحظة، وأن يمنح الفرصة لمن يهتم حقا بأن يعرفه حق المعرفة. لم يلق اللوم على أحد فيما وصل له.  اعترف بكل أخطائه، بسوء تصرفه، واعتذر كثيرا لكل من تقاطعت خطوط حياته معه وتسبب في إيذائه، حتى لو لم يفعل ذلك إلا لأنه كان مذعورا وخائفا ووحيدا جدا من الداخل. اعترف حتى بأنه كان يحاول في بعض الوقت أن يجد شخص آخر يلومه على ما وصل إليه.

شارك ماثيو بيري العالم في ذلك الكتاب "سره الرهيب" والذي لم يكن الإدمان في رأيي، وإنما ذلك الخوف/ الفراغ الأسود الرهيب وراءه والذي حاول ملئه بالإدمان، وأعتقد أنه ساعد الكثيرين أن يتعرفوا على سرهم الرهيب الخاص، ويتحلون بالشجاعة لمشاركته والتخفف قليلا من عبء إخفائه. أن يتوقفوا لحظة عن الهرب منه ويواجهونه ليدركوا أنه ليس مفزعا لهذه الدرجة وأنهم، مثله، جديرين بالحب وبالحياة الحقيقية ويدركون قبل فوات الأوان أنه "ما من أحد سيعيش على الخوف".



د.ياسر قنصوة يكتب عن "باب أخضر للهاوية"

رواية باب أخضر للهاوية ـ رواية سارة درويش ـ ياسر قنصوة
وإذا جاءك الفرح مرة أخرى، فلا تذكر خيانته السابقة.. ادخل الفرح... وانفجر!! (محمود درويش) هذا ما حاولت القيام به بطلة الرواية في "باب أخضر للهاوية". في عالمها الواقعي لم يكن هناك ما يجلب فرصة للفرح إلى أن جاءت اللحظة عبر عالم افتراضي، حيث يختبئ قناع الفرح وراء حدوتة تسلب العقل: "عرفتك الآن فقط.. كم أنتِ فتاة مدهشة". الفتاة المدهشة التي تعودت الوقوف في المنتصف دائمًا، قرأت العنوان على حسابها ليصبح العنوان الحقيقي للقصة بأسرها. فتاة المنتصف أخذت العبارة إلى فضاء الفرح لتدخل عالم الاحتمالات بحثًا عن جرح طازج يعالج تلك الجروح السابقة بندباتها المميتة. تريد دمًا طازجًا جديدًا يبعث على الإحساس بالحياة. تذكرت بيت شعري يقول: "أشتري الحب بالعذاب.. أشتريه فمن يبيع؟ 

في العالم الافتراضي يكون استثمار العواطف والأحاسيس الأكثر حضورًا في المشهد الافتراضي. ولعل فرضية اسم "عمر" دالة على "العمر" أي السنوات الخاسرة من الرحلة، في انتظار سنوات الربح المأمول. أتذكر عبارة الشاعر الألماني هولدرلين: "عندما ترى الجحيم على الأرض فإنها محاولة صنع الإنسان جنته". من يستطيع أن يلوم صاحبة الرواية (البطلة) في حلمها بالجنة الموعودة أيًا كانت الظروف والاحتمالات والنهايات؟ 

استطاعت "سارة درويش" بأسلوب أخاذ أن تشركنا في اللعب، واللعب هنا هو الفضاء الحر للعقل الإنساني. اتفقت معنا على اللعب وعشنا معها حماس اللاعب النشط في الفوز، لكن كنا نعلم نهاية المباراة، ومع ذلك وصلنا إلى درجة من المتعة والعذاب إلى حد أن يحاول كل منا، وهو يعلم مقدمًا النتيجة، أن يفتح بابًا  أخضرًا للهاوية".


د.ياسر قنصوة 

أستاذ الفلسفة ورئيس قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة طنطا 

no image
لا أحد يقول الحقيقة عن الحب أبدا. كأن هناك اتفاقا سريا بين كل من عرفوا سر نجاحه أن يخفوه للأبد. نحكي كثيرا عن الخيبات، عن كل الطرق التي سلكناها ولم يكن علينا أن نفعل. عن كل العيوب التي قادته إلى الموت المبكر أو حتى البطيء؛ لكننا لا نتحدث أبدا إذا نجح الأمر، وكل من يحاول الحديث عنه نراه متباهيا مدع غير صادق.

أحاول اكتشاف السر، أن أتعلمه من أشياء أقرب، وربما أصدق. أرى الحب مرة كنبتة. اسأل: ماذا يحتاج النبات ليعيش؟ أجيب من واقع التجربة: الكثير من الرعاية ونسبة كافية من الضوء وكل الوقت اللازم. أشبه الاهتمام بالماء. كل نبتة تحتاج قدرا مختلفا من الماء، كما تحتاج كل علاقة قدر مختلف من الاهتمام. قدرا يناسبها. لا توجد قاعدة واحدة تسري على الجميع. القاعدة الوحيدة هي أن الإفراط في الماء كالبخل به، كلاهما قاتلان. بعض النباتات قادرة على احتمال إهمالك لبعض الوقت، تذبل، تذوي، لكنها بمجرد أن ترويها مرة أخرى تزدهر كأن شيئا لم يكن. بعض النباتات يكفيها خطأ واحدا لتموت للأبد.

أقف لأطهو، فأرى الحب طبخة تحتاج لتنجح نية طيبة ومقادير دقيقة والوقت المناسب. في مرحلة تحتاج التمهل، كل استعجال في تحضيرها أو نضجها ينفضح بالكامل من أول قضمة، فهي بكل بساطة تكون "ماسخة". تحتاج كل أكلة وقت كاف لتنسجم مكوناتها بذلك الشكل السحري الذي يمنحها القليل من النكهة ويحتفظ في الوقت نفسه بمذاقها الأصلي. تحتاج كل أكلة للتوابل أو البهارات الصحيحة. من العبث أن تأكل اللحوم الحمراء أو السمك بتوابل الدجاج، هل تتخيل الطعم؟ سيكون المذاق مشوها بالطبع، حتى أنفك سترتبك.

أتعلم الكثير من الدروس عن الحب من قططي. أعشق استقلاليتها، دلالها، ثقتها بنفسها، واهتمامها بها كأنما الكون كله يدور حولها. أرى الحب على طريقتهم بسيطا ومباشرا ومريحا لجميع الأطراف. في هذه اللحظة أريد قربك فأقترب، في لحظة أخرى يكفيني أن أكون في نفس الغرفة التي يدور بها ذات الهواء الذي تتنفسه. أغار فأخمشك، أريد الاهتمام فأطلبه، يتقلب مزاجي فلا أتكلف الابتسام. يتحسن فأملأ الدنيا مرحا. الحب على طريقة القطط لا يعترف بالمعايير ولا القوانين، يتطلب فقط أن تتبع حدسك وتتمتع بالكثير من الثقة في أنك تستحق الحب.

سارة درويش
17 يونيو 2022 
انت مالك؟

"ما تزعلش مني أنا خايف عليك.. ويا بخت من بكاني وبكى عليا"، "مع احترامي ليك بس أنا مش قادر أسكت.. الساكت عن الحق شيطان أخرس"، "فكها شوية يا عم إحنا بنهزر في إيه"، "هو إحنا مش أصحاب ولا إيه ده من عشمي"، "أنت اتضايقت كده ليه.. أنا بسأل فضول مش أكتر"، "طالما مشهور تبقى حياته مش ملكه" بالتأكيد سمعت واحدًا من هذه الردود والمبررات كلما حاولت أن تبدي تذمرًا على تدخل أحدهم في شئونك الخاصة، وتبرع دون أن تطلب، فرض رأيه عليك و"التنظير" على خياراتك والطريقة التي تدير بها حياتك، أو على حياة إحدى الشخصيات العامة، سواء عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة أو حتى وجهًا لوجه.


هل يسوق محبو دس أنوفهم في شئون الآخرين هذه المبررات لأنفسهم أو للناس في كل مرة يتدخلون فيها فيما لا يعنيهم؟ أعتقد أنهم لا يفعلون. هم لا يفكرون أصلاً في الأمر، ولديهم شعور عميق بالاستحقاق يجعلهم لا يرددون هذه المبررات إلا حين تعترض على ما يفعلونه وتسأل أحدهم باستنكار: "أنت مالك؟" أو تقولها على استحياء آملاً أن يصلهم المعنى نفسه، حينها ينزعجون ويخرجون فورًا مبرراتهم الجاهزة التي يقتنعون بشدة بها، حتى أن ترديدها لا يستغرق منهم ثواني للتفكير ويهاجمونك لأنك لبجاحتك تحتج على تدخلهم في شئونك!


في كتابه "أنت مالك" الصادر عن دار كيان للنشر، فند الكاتب الصحفي وشاعر العامية أشرف توفيق، كل هذه المبررات وهو يحاول أن يجيب على السؤال الذي يكاد يدفعنا إلى الجنون هذه الأيام: "لماذا يدس البعض أنفه في شئون الآخرين؟" بأسلوب سلس ورصين ولا يخلو من خفة الدم.


انت مالك ـ كتاب انت مالك ـ اشرف توفيق ـ سارة درويش






حلل من خلال الكتاب العديد من الظواهر الاجتماعية التي يتضاعف إزعاجها وخطورتها مع زيادة انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، بداية من إساءة تفسير وتنفيذ وصايا الأديان بأهمية التناصح والتغافل عن آداب النصيحة، حتى تحولت من خلق حسن يرقى بالناس وبالمجتمع، إلى أمر بغيض ومنفر يعمق الخلاف بين الناس وأداة يستغلها البعض ليتعالوا على غيرهم ويشبعون نقصهم بـ"التنظير" على حياة الآخرين.

ومثلما ذكرنا الكاتب بفضل النصيحة ذكرنا كذلك بآدابها وشروطها وكيف يمكن أن يصنع كل منا لنفسه "ميزانه الحساس" قبل أن يقدم نصائحه هل هي: نصيحة في السر؟ عن علم؟ تقدمها بتواضع؟ هناك من طلبها أم أنك تفرض رأيك عليه؟ تقدمها بابتسامة وود؟ تهون الخطأ على المنصوح؟

تطرق كذلك إلى الخلط الشهير بين خفة الدم وإذابة الجليد بيننا وبين الآخرين، وبين جرحهم وتخطي حدودهم الشخصية، والتدخل في أمورهم الخاصة، الذي في الكثير من الأحيان يسبب جروحًا عميقة وأذى نفسيًا كبيرًا لا يمكن إصلاحه بسهولة.

حلل الكتاب الأسباب النفسية وراء "شهوة الفتي" لدى الكثيرين، وانتشار "حراس الفضيلة" الذين يحاصرون الناس ليل نهار ويتدخلون في أدق شئونهم ويحاسبونهم عليها، والذين بالمناسبة لا يسلمون هم أنفسهم من الفعل نفسه، ما يجعلهم في الكثير من الأوقات لا يعيشون الحياة التي يريدونها ولا يقولون ما يؤمنون به فعلاً لأنهم يخافون أن تطالهم حراب زملائهم من "حراس الفضيلة".

وأجاب الكتاب على سؤال مهم آخر هو "لماذا يقبل الناس مثل هذه التدخلات من الآخرين في حياتهم الشخصية؟ ولماذا لا تكون إجابتهم دائمًا على مثل هذه التدخلات هي الإجابة العظيمة السحرية..."أنت مالك؟ "وأوصى كل من يفعل بأن يكون أكثر توازنًا في التعامل مع الناس، فلا يتعامل مع من يقدم النصيحة لأنه يريد له الخير بفظاظة وقلة ذوق، ولا يتعامل مع من يهينه بدعوى النصيحة بتخاذل وخنوع، مشيرًا إلى أن الفرق بين هذا وذاك بسيط للغاية وهو "هل التزم بآداب النصيحة أم يتجاوز في نصيحته؟ "حينها لا ينبغي أن ترد عليه بأكثر من" أنت مالك".


رابط المقال على موقع جريدة اليوم السابع 

Contact Me

Get in touch