أبحث عن..

 "إذن من الجاني؟" قلتها وأنا أرفع رأسي لأواجهه عينيه بنظرة ممتلئة بالحيرة والترقب. لم أكن فقط بحاجة إلى متهم أصب عليه كل غضبي وحنقي لما تحملته من ألم وقلب حياتي رأسًا على عقب طيلة أسبوع كامل، ولكنني كنت بحاجة لمذنب أقصيه عن حياتي فأشعر بالأمان. شيء محدد أعرف أنني سأكون آمنة معافاة طالما أنا بعيدة عنه.

"هذا سؤال تجيبينه أنتِ" رد؛ وأسقط في يدي. أخبرني أنه لكي أعرف المذنب عليّ أن أراجع نسيج حياتي بدقة، أمرر حتى أدق التفاصيل تحت عدسة مكبرة لأعرف أين الخلل. لتسهيل مهمتي، أوصاني أن أشك أولاً في كل الدخلاء الجدد، أشك حتى في كل ما هو مألوف ومعتاد فربما تغير شيء فيه دون أن أعرف. كان هذا مربكًا ومخيفًا. كشخص يستمد أمانه من الروتين لم يكن هناك الكثير من الدخلاء في حياتي، وكانت فكرة الاضطرار لاستبعاد واحد من الأشياء التي اعتدتها لشهور أو ربما لسنوات مرعبة. أعرف أن كل شيء في حياتي مهم بالنسبة لي حتى لو لم يبد كذك . أعرف كشخص سهل التعلق أنه حتى لو لم يكن مُهِمًّا سيكون التخلي عنه صعبًا لأن ارتباطي النفسي يمكن أن يضفي على أي شيء أهمية متوهمة.

عدت إلى البيت محملة بأدويتي وشكوكي. الارتياب في كل شيء دفعني للانزواء في ركنٍ من سريري. أتذكر تعليقه "يمكن أن يكون شيء قريبًا جِدًّا منك، حتى ملاءاتك نفسها يمكن أن تكون هي السبب". يتضاعف شعوري بعدم الراحة في السرير. تنعدم رغبتي في تناول الطعام. فواحد من هذه الأطعمة التي أحبها جِدًّا، واحد من تلك الخيارات المحدودة جِدًّا التي أدور في فلكها منذ سنوات، ربما يكون هو المتهم وهو المتسبب في ثورة جلدي ضدي. أقتات القليل من الفواكه المجففة كلما قرصني الجوع مذكرًا إِيَّايَ بأنه علي أن أمد جسدي ببعض الطاقة ولا أكتفي بإجهاده بالأدوية. أبتلع قطعة تلو أخرى بتروٍّ وأنا متوجسة. ما أدراني أنها آمنة؟ أبتلعها وأجلس ساكنة بضع دقائق. أراقب حرارة جسدي، أترقب بدء لدغات النمل أسفل جلدي. أفتح الكاميرا الأمامية وأتفقد وجهي. أشعر بالراحة حين لا يتغير شيء فأزدرد قطعتين إضافيتين لسد جوعي.

أؤجل قدر الإمكان المهمة الثقيلة لإجراء كشف حساب لحياتي اليومية كي أكتشف سبب الحساسية. أتمنى من الله ألا أضطر لتغيير أي شيء في حياتي. آمل أن تكون الحرارة المرتفعة وحدها هي السبب. تنخفض درجات الحرارة قليلاً، أفرح لأن جسدي أصبح أهدأ، أقول لنفسي "كانت الحرارة السبب" ثم أتذكر تلك المعلومة العابرة في محاضرة التسويق الإلكتروني "لن تحصل أبدًا على نتيجة مفيدة عند إجراء تجربة A/ b test إذا غيرت عنصرين في نفس التجربة، ينبغي أن يتغير عنصر واحد فقط لتحصل على إجابة دقيقة" تخفت فرحتي فقد كانت هناك العديد من المتغيرات دفعة واحدة، انخفضت الحرارة وصمت تقريبًا عن الطعام وقاطعت كل مستحضرات التجميل والعناية التي أستخدمها. هناك الكثير من المتغيرات التي يستحيل معها الحصول على إجابة دقيقة، وهناك الكثير من الخوف من الألم داخلي يمنعني من المقامرة بالعودة لأي منهم وتحمل ثورة جديدة من جلدي. هكذا أجلس في صمت. أكتفي بالإيقاف المؤقت لكل شيء تقريبًا، آملة أن ينتهي كل شيء فجأة كما بدأ فجأة وقد أصبحت زاهدة تمامًا في التعرف على الجاني.