أبحث عن..


“كان فاضل بس يا دوب.....“

تلك الشعرة التي كان يحافظ عليها ببراعة بين جرحها وإهانتها لم تعد تعرف الآن هل كان يحافظ عليها فعلاً؟ أم أنها كانت توهم نفسها بذلك؟ تزحزح حدودها بخفة.. تخدع نفسها بأنها لم تفعل. وتتصبر بأنه على الأقل لم يهنها وتقرر أن تحتمل..
”... لكن قلبي المغلوب بيخاف ليدوب في ليالي الشوق بعدك"
كانت تشعر بالرعب، من ذلك الفراغ الأسود المخيف في موضع القلب بعد أن تنتزعه.. الإحساس المرعب بطرفك المبتور.. توقف ألم سنتك التي ينخرها السوس لأنها ببساطة لم تعد هناك.. المشوار الطويل الذي تمشيه وحيدة وكانت تتصبر عليه بصوته، التفاصيل التي لا تهم أحدًا سواه.. أو بمعنى أدق، لن يتظاهر سواه بأنها تهمه..

"خليني بقى كده..."

تخلت تدريجيًا عن حلمها معه ببيت وأسرة، وأطفال، تخلت عن الحلم بفستان أبيض، توقفت عن إضافة صورة جديدة لألبوم فساتين الزفاف التي تحلم بارتداء أحدها يومًا.. توقفت عن تخيل شكل بيتهما، عن كتابة اسم ابنتهما التي كانت تصدق بأنها ستوجد يومًا إلى حد الخلاف معه ثلاثة أيام حول اسمها..
أصبحت راضية بتلك المسافة بينهما.. المسافة التي ظنتها قدرية تمامًا كالمسافة بين الشمس والأرض.. تخاف حتى أن تقترب أكثر فتحترق.

تسربت روحها منذ زهدت الفرحة التي آمنت أنها لن تكون من نصيبها طالما قررت أن تكون معه. كانت تتذكر بداية القصة، تتمنى لو تغمض عينيها وتستيقظ لتكتشف أنها كانت في حلم سخيف. لم تكن تخاف النهاية بقدر خوفها من الاضطرار لأن تعيش بداية جديدة. كانت تخاف المشاهد المكررة، المشاعر المكررة، الأوجاع المكررة أيضًا.

".. يمكن الهنا.. متداري في صبري عليك"

ابتسامته، الشوق في صوته، شغفه بها، الضحك من القلب، الاعتذارات التي تبدو عفوية وصادقة جدًا.. كانت تتراقص أمام عينيها كضوء شمعة، تتذكر التفاصيل الصغيرة والتذكارات الصغيرة وتتمتم "يمكن الهنا متداري في صبري عليك".
6 MARCH 2016