أبحث عن..


لم أطمع في أكثر من أن أقترب منك أكثر كي يمكنني أن أنساك أو أكرهك، ككل أمنياتي التي تحققت وتحولت لعنة. 

تعرف أن الوقت والمسافات بإمكانهما تغيير كل شيء، وأنت بارع جدًا في هذه اللعبة. في الوقوف على تلك المسافة البعيدة بما يكفي لتؤجج حنيني ولا تجعلك بعيدًا عن القلب.


 أنت بارع أيضًا في اللعب بالكلمات، تعرف كيف تخلق لغزًا من عدة حروف عادية جدًا، تكتب حرفًا وتخبئ الآخر وتتركه لخيالي، أما مفتاح الحل فهو عبارة محملة بالاحتمالات ليس لها إجابة وحيدة واضحة.

رغم ذلك لم أغضب أبدًا منك، كنت أفهم كل هذه الفوضى في داخلك وأرى ذلك الطفل الوحيد المرعوب الذي يشبه الأشباح في القصص، يخاف أن يفنى فيترك عشرات الألغاز لسكان البيت الجدد، لا ليرعبهم أو يؤذهم وإنما ليقول "كنت هنا، لازلت هنا لا تنسوني".

لم أغضب ربما لأنني مثلك، أحببت اللعبة لأنها كانت تعني "أنني هنا"، التقطت كل تلك الألغاز والألعاب بفرحة غرباء مفقودين في البحر لوحوا طويلاً للسفن البعيدة واقتربت إحداها أخيرًا بعد أن فقدوا الأمل الأخير بثوان.

كنت فقط أتساءل عن سبب رعبك المحموم من أن أقترب، تأرجحت الاحتمالات بتأرجح مشاعري، وإحساسي بالثقة. مرة قلت بيقين كامل إنك ابتعدت لأنك أحببتني. لأنك تخشى عليّ من نفسك، ولأنك تخجل أن أنظر لكل هذا القبح داخلك. 

ومرة قلت إنك ابتعدت لأنك نظرت للقبح داخلي، لأنك وجدتني بسيطة وعادية وواضحة، أحجية سهلة لا تستحق أن تنفق وقتًا في محاولة حلها لأنك قرأت كل الإجابات بالفعل على جبيني. ومرة فكرت في أن هذا هو ما تفعله دائمًا، تقترب حتى تضع المصيدة، تراقب باهتمام حتى تسمع رنة بابها، ثم تنصرف لتضع مصيدة جديدة وهكذا. 

كنت سيئًا في كل الاحتمالات ولكنني لم أتوقف عن حبك. وكانت هذه لعنتي.