أبحث عن..

العالم مرهق يا رفعت. تحاصرني هذه الفكرة منذ انتشر الذعر في الأسابيع الأخيرة وشل الخوف والمرض الحياة اليومية التي كانت رحاها تدهسنا بلا رحمة دون أي فرصة للوقوف لحظة لالتقاط أنفاسنا أو التفكير فيما نريد.

شعرت أن العالم منهك تمامًا مثلي، يريد استراحة من هذا الصخب والجنون المتواصل والإيقاع اللاهث للحياة بشكل يحرمنا الاستمتاع بمذاقها، ويحرمنا حتى الحياة نفسها!

لا أتمنى أبدًا أن يختبر أحد الألم، أو يفقد عزيزًا أو يعيش الخوف وتهديد فقدان حياته، ولكنني رغمًا عني وجدتني أشعر بالراحة. أحمد الله كثيرًا على تلك الهدنة التي كنت أحتاجها منذ وقتٍ طويل ولا أنالها. كنت أتمنى لو تتوقف حياتى لبعض الوقت بشكل ما، لأتمكن من لملمة شتاتى والتوقف لحظة للاستراحة، دون أن أخسر في المقابل ثمن راحتى، كنت أتمنى ولو حتى أن أقع في غيبوبة طويلة لبضعة أيام أو أسابيع كي أحظى بهذه الهدنة.

ظننت أنني أحتاج استراحة من العمل ولكن ما اكتشفته هذه الأيام هو أن العمل لا بأس به، وأن الراحة التي كنت أحتاجها هي من الحياة اليومية نفسها، من الانخراط في التفاصيل والاندماج مع البشر والاضطرار للابتسام كل يوم في وجوه الناس مهما كنت أعانى في داخلي.

بدأت عزلتي منذ تسعة أيام وحتى الآن لم أشعر بالملل، لم أشبع بعد من حضن قططي، من الاحتماء بجدران البيت، من الاستمتاع بتفاصيله ولا من تناول طعامه الطيب. لا أعرف إلى متى ستطول العزلة ولا أعرف هل سأمل يومًا أم لا ولكنني أشعر بالرضا لأنني الآن قادرة على التقاط أنفاسي قليلاً دون أن أشعر أن شيئًا كبيرًا وهامًا فاتني، أشعر بالرضا لأنني أستمتع بالبقاء في المنزل دون أن يشعرني أحدهم بأنني أفوت على نفسي الحياة خارجه أو ينظر لي باعتباري فتاة حجرية!