أبحث عن..

بعد عشرات المحاوﻻت الفاشلة، أنجح أخيرًا في حل اللغز. أنتهي منه لأبدأ التالي ببقايا إحباط؛ ولكن اللعبة الظريفة الملونة بدﻻً من أن توبخني ﻷنني تعثرت كثيرًا قبل أن أنجح في حله، تربت افتراضيًا عليّ وتشجعني: "لقد نجحتِ في حله بعد تسع محاوﻻت، وفي المعتاد يحتاج إلى 15 محاولة". أشعر بالزهو، وأفكر في أن كل ما احتجته في السنوات الماضية يا رفعت أن يهمس أحدهم في أذني بعبارة مشابهة: "كان الطريق طويﻻً يا سارة وشاقًا. تعثرتِ كثيرًا ولكنه في المعتاد يحتاج لبذل كل هذا الجهد". 
الكثير من الخوف واﻷسئلة يا رفعت كانت ستختفي لو أنني فقط عرفت أن الحياة ستكون بهذه الصعوبة. لو أن أصحاب قصص النجاح المبهرة لم يصوروا أنفسهم كأبطال خارقين، ولم يخفوا عنا شعورهم باﻹحباط والخوف واليأس. كنت سأوفر على نفسي الكثير من الخوف يا رفعت لو أن أحدهم أخبرني أن من حقي أن أشعر بالخوف.
خدعونا قديمًا حين أوهمونا أن "الكبار ﻻ يبكون" أن الكبار يعرفون ما يفعلون وﻻ يجب أن يشعروا أبدًا بالخوف. لهذا نكبر بينما يخنقنا البكاء ويلازمنا الخوف فنظن أننا لم نكبر بما يكفي، ثم نفاجأ بأننا كبرنا ولم يعد بوسعنا أن ننكر ذلك،،ولكن في أعماق قلوبنا لم يغادرنا الخوف، فنظن أننا لم نكبر كما ينبغي!
ولأننا نصدق ما أوهمونا به يا رفعت نشعر بالسخط تجاه هؤﻻء الكبار الذين ﻻ يتصرفون "كالكبار" الذين أخبرونا عنهم.نغضب منهم ﻷنهم تخبطوا، وأخطأوا وكانوا أجبن مما نتوقع وﻷنهم حين اختبأنا في أحضانهم اكتشفنا أنهم يرتعدون من الخوف!
نغضب طويلاً ثم نسامحهم أخيرًا يا رفعت، حين نجد أنفسنا في المكان نفسه، كبار خائفين يفعلون ما في وسعهم ﻹخفاء خوفهم وتخبطهم بمكابرة أطفال مذعورين ﻷنهم ﻻ يزالوا يبللون الفراش ويخشون أن يكتشف زمﻻئهم في المدرسة ذلك ويكتشفون أنهم لم يكبروا بما يكفي بعد!