أبحث عن..


متى تشعر بالوحدة يا رفعت؟أكثر ما أحبه فيك أنك تصالحت مع وحدتك لدرجة أنها لم تعد وحدة بالنسبة لك. أشعر كثيرًا أنني أشبهك، أنني أحتاج المزيد من الوقت لنفسي ومع نفسي؛ ولكنني أشعر بالوحدة جدًا في مثل هذه اللحظة التي أعيشها الآن. أشعر أنني بحاجة لمن أحمل إليه حياتي بكل تعقيداتها وصخبها، أضعها بين يديه وأطلب منه رأيه. أن يرى بعينيه الطازجتين التفاصيل التي أغفلتها عيوني بفعل الاعتياد والسأم. لا يحمل لي حلولاً سحرية ولا يطلعني على ما كان ليفعله لو أنه مكاني. أريده فقط أن يخبرني بما يراه.
في هذه اللحظة يا رفعت تتضارب داخلي عشرات المشاعر والقرارات، لا أعرف كيف أتصرف مع نفسي، هل هل أدللها أم أقسو عليها وأضغط أكثر وأختبر المزيد من حدودها؟ هل ما أحتاجه فعلاً هو أن أشعر الآن بالراحة والسلام أم أن هذا سيعني أن أظل بحاجة للجري مسافة أطول، في وقتٍ أكون فيه أكثر إرهاقًا وحاجة للراحة من الآن؟ هل أهرب من حياتي أم أعيشها؟ عشرات الاختيارات يا رفعت تجعلني أتمنى لو ينقذني القدر منها بأن يفرض عليّ مسار إجباري واحد.
أعرف أنني ملعونة بعقلي. وحده يحمل رضايّ وتعاستي، واللعبة تروقه يا رفعت. ساعة أشعر أنني الآن في أحسن حال وأنني أخيرًا توصلت للمعادلة المثالية للمرحلة الراهنة. وساعة أشعر أنني على وشك الانفجار لا يمكنني أن أحتمل حتى لمسة إضافية. ساعة أشعر أنني فخورة بنفسي. بكل خطوة مشيتها، بكل محاولاتي لاستكشاف العالم وكل ما حققته لنفسي من أجل نفسي. وساعة يجعلني أشعر أنني ضئيلة وضائعة ولا أعرف عن الدنيا شيئًا وأنفق عمري هباءً دون غاية محددة.
أحيانًا أحسد من يتحدثون بيقين وثبات عما يريدونه ويخططون لحياتهم بدقة شديدة. وأحيانًا أشفق عليهم، على ذلك اليقين الذي أراه زائفًا. 
وفي كل لحظة يا رفعت، حتى في لحظات الرضا. أعرف أن مشكلتي هي أنني أراقب أكثر من اللازم، أراقب حتى أكثر مما أعيش. مشكلتي، كل مشكلتي يا رفعت هي أن عقلي يركض كحصان جامح، يرفض كل محاولاتي للسيطرة ويفلت الزمام، ولا يعيش أبدًا اللحظة الراهنة.