أبحث عن..




أحيانًا أشعر بالخوف يا رفعت حين أجد الوحدة شهية لهذه الدرجة، وأحارب لأحصل على ثوان أقضيها فقط بصحبة نفسي. أخاف وقتها أن تأتي تلك اللحظة التي أجد نفسي فيها وحيدة جدًا بطريقة لا يمكن تغييرها. لدرجة تجعلني أتمنى لو أنني ادخرت بعض الونس القديم لمثل هذه اللحظة. 
أشعر بالخوف أيضًا من تلك اللحظة التي لا يمكنني فيها أن أكون وحيدة على الإطلاق. أنقبض كلما تصورت أنني في لحظة ما قد لا يكون بوسعي أن أتكور على نفسي في غرفة مغلقة ومظلمة دون أن أبالي بأي شيء/ شخص خارجها. أشعر أن هذه العقوبة أسوأ كثيرًا من الحبس الانفرادي الذي يهددون به من يسيء الأدب في سجنه.
لأجل هذه الوحدة الشهية يا رفعت أرى المشاركة أحد أجمل أشكال الحب. أعرف مكانة الآخرين في قلبي حين يكونون أول من يخطر ببالي أن أشاركهم شيئًا مهما كان سخيفًا وتافهًا. أعرف أنني أحب صديقتي التي أشاركها طيلة اليوم النكات المضحكة التي أقابلها على فيسبوك، الأسرار التافهة والأفكار الغبية، أشاركها غضبي طازجًا ساخنًا كما هو في قلبي، أتحايل لأشاركها الأفلام التي أحب دون أن أفسدها عليها. أفرح لمحبتها حين أستيقظ لأجد بريدي متخمًا بنكات مشابهة ورسائل صوتية وأفكار تباغتها في ساعات نومي.
ولأجل هذه الوحدة الشهية أيضًا أشعر أن أهم ما يمكنني أن أقدمه لمن أحبه هو أن أشاركه الوقت، لا أمل صحبته ولا حديثه، لا أحتاج للاختباء وحيدة في صندوقي بعض الوقت ليتوقف إفراز هرمون التوتر كما القطط، يتوقف عقلي في صحبته عن الهروب بعيدًا وتخيل متعة أن أمضي هذا الوقت بصحبة نفسي وحيدة. لهذا يا رفعت أبحث كأمل دنقل عن "علاقة أكون فيها، كما لو كنت جالسا مع نفسي في غرفة مغلقة".