أبحث عن..



اليوم أتعامل مع الضجيج في رأسي بشكل مختلف يا رفعت. في أوقاتٍ سابقة كنت أنزعج حين تمر الكثير من الأفكار ببالي ولا أجد وقتًا أو طاقة للكلام عنها أو كتابتها، كنت أشعر أن كل ما لم أقله في حينه يتحول إلى رماد كثيف على قلبي ويعيق كثيرًا محاولاتي لالتقاط نفس عميق. 
اليوم ضبطت نفسي أفكر في الأمر بطريقة أخرى، شعرت أنني أطمئن لوجود هذا الضجيج داخلي، لست خاوية يا رفعت كبعض أيام كنت فيها شاحبة كمغلف شاي مستخدم فقد كل ما يحمله من مذاق في كوب ساخن. شعرت اليوم أنني أربت على كل هذا الحديث الدائر في عقلي، وأقول لنفسي "حسنًا على الأقل ستجدي ما تقولينه حين تتاح لكِ الفرصة".
اليوم أيضًا كنت أفكر في أن الدنيا تلعب معي تلك اللعبة القاسية، تشد الخيط بيني وبين ما أحلم به لدرجة مؤلمة، فأجري ورائها محاولة أن أجعل المسافة أقرب كي لا يؤلمني أكثر ولا ينقطع، وهكذا أظل ألهث ورائه حتى تلك اللحظة التي أشعر أنه لم يعد بوسعي أن أحتمل أكثر، ولا أبالي لو أن الخيط انقطع، فتفاجئني بأن ترخيه.
شعرت للحظات أنها مخادعة جدًا وتفعل تمامًا كما يفعل أولئك الذين يتلاعبون بحدود كراهيتنا ويؤرجحوننا بين الحنان والقسوة لدرجة موجعة تجعلك عاجزًا عن اتخاذ موقف واضح بشأنهم، فلا أنت هانئ بقربهم ولا أنت فاقد الأمل كليًا في حنانهم.
ولكنني، ولأن مزاجي جيد جدًا اليوم، نظرت للأمر بطريقة مختلفة، تذكرت الآية القرآنية التي تطمئنني وأحبها "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" الله يعلم أنه لم يكن بوسعي أن أحتمل أكثر وأنني على حافة انهيار، فلم يكلفني أكثر.
كثيرًا ما أردد هذه الآية وأطمئن، كل ما أمر به يعلم الله أن بوسعي تخطيه وتجاوزه، ولكنني أحيانًا أخاف من مدى قدرتي على التحمل. تمر ببالي ابتلاءات بعينها لا أريد أن أختبرها أبدًا، وأردد لنفسي "لن أحتمل هذا أبدًا.. لن يمكنني أن أنجو" وكأنني اطمئن نفسي أن هذا لن يحدث أبدًا طالما أنا مؤمنة أنني أضعف من أن أحتمله.