أبحث عن..



وأنا أدون عنوان الرسالة ورقمها تساءلت كيف سأكون بعد عامي الأربعين يا رفعت؟ أخبرتك من قبل أنني أشعر بالتفاؤل وأنني حين أصل لهذه السن سأكون أكثر استقرارًا وتوازنًا. أتخيل أنني سأهجر الصحافة ربما أتفرغ لكتابة الروايات أو العمل المستقل في مجال ما. ربما أتعلم التريكو أو الحياكة، أنا أحب أن أصنع أشياء بيدي ولكن ينقصني الصبر الذي أظن أنني سأملك الكثير منه بعد سنوات. كل ما أرجوه يا رفعت ألا أصل للأربعين وأنا أحمل كل هذا القلق داخلي. 
حين أصل للأربعين أتمنى أن يكون لي البيت الخاص بي، شقة "استديو دوبليكس" إن أمكن، تطل على القليل من اللون الأخضر وتقع في حي هادئ. لن يخلو البيت من قطة بالطبع، وستكون لدي مكتبة كبيرة وكرسي مريح في غرفة المعيشة منقوش بالورد. ربما تكون لديّ سيارة وربما لا لأنني لن أغادر البيت كثيرًا.
أشعر أحيانًا بالخوف على هذه الأحلام الصغيرة داخلي، أتذكر آخرين شاخوا وأوشكوا على مفارقة الحياة ولم ينسوا أبدًا تلك الأحلام الصغيرة التي تحمسوا لها طويلاً في العقد الثاني، وعملوا لأجلها حتى تخطوا العقد الثالث وحين أصبح بإمكانهم تحقيقها كانت روحهم شاخت للدرجة التي جعلتهم يرونها أحلامًا تافهة وأن هناك ما هو أهم فتخلوا عنها وتصنعوا التعقل ليبدوا كالكبار الناضجين ولكنهم لم ينسوها أبدًا. كتلك اللعبة التي لم تحصل عليها أبدًا في طفولتك وأسرعت لشرائها بعد أن أصبحت شخصًا بالغًا وقبضت راتبك الأول، ولكن حتى إن اشتريت عشرة منها لا يفلح هذا في إشباع الطفل داخلك.
من المزعج جدًا يارفعت أن شعورنا بالرضا والإشباع له شروط شديدة الدقة والصعوبة، الأمر أشبه بهذه اللعبة على "فيسبوك" لصورة متحركة يجب أن تضغط عليها في الوقت المناسب كي يقف الجزء المتحرك على المكان الشاغر فتكتمل الصورة. لا يكفي أن يأتيك ما تريد فقط يارفعت، يجب أن يأتي في الوقت الذي تحتاجه ولتلك الطبعة من شخصيتك إن جاز التعبير. يحدث أن يعوضنا الله عن ما لم يأتِ حين انتظرناه، يكون الشعور محببًا جدًا وقتها وجميلاً، ولكنه في النهاية ليس الشعور نفسه حتى وإن كان أعظم.