أبحث عن..



هل تشعر بالانزعاج يا رفعت؟ أصبحت أطرق بابك بوتيرة أسرع من قبل؛ ولكنني أحببت لعبة الأمس وفي الوقت نفسه أحببت أن أصل لهذا الرقم. قبل دقائق كنت أترقب انتصاف الليل لأتمكن من العودة إلى الوراء عدة أعوام وأطالع ذكرياتي في مثل هذا اليوم. لا أعرف لماذا أدمنت هذه اللعبة منذ ظهرت للنور على الرغم من أنني أعرف جيدًا أنه لو بإمكاني ركوب آلة الزمن لن أعود أبدًا للوراء.

يكره البعض أن يعودوا لمطالعة ذكرياتهم السيئة ولكنني أحب مراجعتها، أحب أن ألمس كل هذه الهشاشة التي كنت عليها وأشعر بالثقة لأن هشاشتي الآن أقل، ولأن ثقتي الآن أكبر. أحب أن أتذكر كل هذه الأشياء السيئة التي مرت، الأيام الثقيلة كالموت، واللحظات المفزعة.


في الأيام الأخيرة وبينما أنا على شفا الانهيار من الضغط العصبي قررت أن ألجأ لحيلة لا أعرف هل هي صائبة أم لا لكنها تجعلني أشعر بالتحسن، أنظر لتلك المواقف المزعجة والسخيفة على مقياس حياتي بأكملها، أقول لنفسي: أنتِ الآن في الخمسين من العمر، هل يؤثر عليكِ هذا الموقف؟ هل يفسد حياتك للأبد؟ إذن لا بأس.

أشعر أن هذا الكلام سخيف يشبه ما تلقننا إياه كتب التنمية البشرية، ولكن هذه الحيلة ساعدتني كثيرًا، خاصة مع كل هذا اليقين لديّ بأنني في المستقبل سأكون أفضل حالاً.

تحدثت يا رفعت أكثر من مرة عن المؤتمرات الطبية المملة التي كنت تضطر لحضورها وتشعر أن الوقت يمر داخلها كالدهر، قبل أيام تذكرت ما قلته هذا وشعرت أنني على العكس تمامًا، أنا أحببت تلك المؤتمرات القليلة التي حضرتها، أحب فكرة أن ألتقي أشخاصًا عابرين جاءوا من أماكن مختلفة لأسباب مختلفة لأن القدر خطط لهم ذلك، يقولوا لبعضهم أشياء جميلة أو سخيفة، المهم أنها عابرة، يستمعون للحديث نفسه وكل منهم يفكر فيه بطريقته ثم تفرقهم الحياة مرة أخرى وقد لا يلتقوا مجددًا أبدًا.

في الفترة الأخيرة اكتشفت أنني أحب الصدف كثيرًا، أشعر أنها أشبه بكود غش Cheat code في لعبة الحياة يغير مسارها تمامًا، يحل المعضلات المعقدة ويفتح أبوابًا لم نكن نظنها موجودة أبدًا. لذلك كلما شعرت أن الأمور أصبحت مستحيلة بشكل مزعج، ومظلمة أكثر مما ينبغي أفكر في صدفة سحرية بإمكانها أن تصلح كل شيء.

الصورة من فيلم Sleepless In Seattle