أبحث عن..


ماذا يرعبني أكثر من الجنون يا "رفعت"؟ أن أفقد نفسي دون أن أشعر، أن أتغير ببطء وأتحول لذلك المسخ الذي أخافه، أن أشبه تلك الكعكة في الثلاجة، كانت طيبة جدًّا ولكنها ظلت هناك أكثر من اللازم، إلى جوار الكثير من الأشياء التي لا تشبهها فالتقطت من كل ما يجاورها القليل من النكهة الكريهة فأصبحت الأسوأ بينهم على الإطلاق.
في الماضي كنت أخاف أن أشبهه، الآن أشعر أنه، مقارنة بمن آراهم الآن، ليس بذلك السوء، وأخاف أن أشبههم، وأخاف أكثر ألا أشبه نفسي.
أتغير يا "رفعت"، أعرف ذلك وألمسه، وأراقبه برعب، ولكن بعض التغيير ينتهي إلى "فراشة" وبعضه ينتهي إلى "جيفة متعفنة"، ولا أدرى لأي المصيرين أنا أقرب؟
أفضي لصديقتي المقربة بأن طقس السخط اليومي الذي نمارسه ضروري، أخبرها بأننا لو لم نفعله سنكف عن الدهشة، سنكف عن رؤية الأشياء القبيحة كذلك، ويومًا بعد آخر سننسى أنها قبيحة، ولكنني من الداخل، لا أتمتع حقًّا بكل هذه الثقة التي أتحدث بها.
طيلة عمري يا "رفعت"، أشعر بأنني لا أتواجد في المكان المناسب أبدًا، أنا غريبة للأبد، لم أشعر أبدًا بأنني أنتمي إلى حيث أكون، ولكنني الآن يا "رفعت"، أشعر أكثر بأنني لست في الوقت المناسب! أشعر وكأنني طفل مبتسر تعجل الخروج للحياة فرأته هشًا وقررت أن تختبر مدى جدارته بأن يعيش.
أخاف يا "رفعت"، أن أكون كالآخرين الذين أعتبرهم فقدوا عقولهم وأضرب كفًا بكف وأنا مندهشة كيف أعمى الله عيونهم عن الحقيقة لهذه الدرجة؟ أتذكر سذاجتي القديمة، أتذكر الكذبات الساذجة التي انطلت عليّ لسنوات وأفكر من قال إنني الآن لا أعيش واحدة؟
قيل لي مرارًا إن الشك يقود لليقين الأعظم، ولكنني أخشى أن أجن قبل أن أصل لذلك اليقين! تلك الكلمة الوهمية التي بت أصدق في المستحيل أكثر منها. تلك الراحة التي لا أدرى أيصل إليها الحمقى أم الحكماء؟
مرة أخرى يا "رفعت"، أقول لك إنني متعبة. أشعر هذه المرة أنني متعبة أكثر من أي وقتٍ سابق ولكنني رغم ذلك، أشعر للحظات بأنني أختبر حدودي وأختبر قدرتي على الاحتمال.
3 Oct. 2016